
انطلقت في الجامعة الإسلامية بغزة أعمال المؤتمر العلمي الدولي “أزمة الفهم وعلاقتها بظاهرة التطرف والعنف”، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشئون الدينية بالتعاون مع كلية أصول الدين بالجامعة على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء السابع والثامن من شهر مارس الجاري. وأقيمت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرى بمركز المؤتمرات بالجامعة، بحضور كل من: سعادة الدكتور خليل الحية –عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، والأستاذ الدكتور عادل عوض الله –رئيس الجامعة الإسلامية، وعطوفة الدكتور حسن الصيفي –وكيل وزارة الأوقاف والشئون الدينية، رئيس المؤتمر، والدكتور عماد الدين الشنطي –عميد كلية أصول الدين، والدكتور يوسف فرحات –مدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وعدد من أعضاء المجلس التشريعي، والوزراء، والمدراء العاملون في وزارة الأوقاف، وجمع من العلماء وقادة الفكر، والدعاة، وأساتذة الجامعات، وجمعٌ كبير من أعضاء هيئة التدريس والطلبة بكلية أصول الدين بالجامعة.
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وصف الدكتور الحية المؤتمر باليوم العظيم المشهود، مشيراً إلى أن الانحراف، والتطرف، والعنف هو من ممارسة الإنسان جميعاً، وليست محصورة عند أحد، وأكّد الدكتور الحية أنه من الإجحاف والظلم أن تُعالج ظاهرة سوء الفهم عند المسلمين فقط، ولكن من الإنصاف أن تسلط عند الإنسانية جمعاء. وطالب الدكتور الحية بضرورة معالجة ظاهرة التطرف بإيجاد بيئة مناسبة يتوفر فيها دوراً واضحاً للعلماء بحيث يكونوا صمام الأمان للشباب، وعنواناً للفكر، وتصدير الرأي.
بدوره، قال الأستاذ الدكتور عوض الله :”الجامعة الإسلامية تفخر بشراكتها مع وزارة الأوقاف والشئون الدينية في المؤتمر، ونأمل للمؤتمر أن يعيد الأمة إلى الصراط المستقيم الذي أمر الله به المسلمين”، وأشار الأستاذ الدكتور عوض الله إلى حاجة المسلمين لفهم الضرورات، والإسلام بأركانه، والإيمان بأركانه كما أُمر النبي بتبليغها.
وأشاد الأستاذ الدكتور عوض الله بدور العلماء المسلمين، والباحثين المشاركين في المؤتمر، متمنياً أن يكون ما سيقدمونه في ميزان أعمالهم.
ومن جانبه، نوّه الدكتور الصيفي إلى أن موضوع أزمة الفهم يستحق أن تكرّس لمعالجته الجهود، والأموال في ظل اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب، وشدّد الدكتور الصيفي على أن سبب ازدياد رقعة الانحراف الفكري والتطرف السلوكي يرجع لما شاهده الشباب من ظلم الأنظمة المستبدة للمسلمين وشعوب الأمة. ولفت الدكتور الصيفي إلى ضرورة أن يكون المسلمين أكثر فهماً، وأعمق تحليلاً، وأوسع إدراكاً لتكون بداية المعالجة الجادة لظاهرة أزمة الفهم للدين، والنصوص، والتاريخ، والسيرة، والأحكام، وذكر الدكتور الصيفي أن المؤتمر جاء بعد أكثر من عام من التخطيط والإعداد والتجهيز، ليعالج أزمة الفهم وعلاقتها بظاهرة التطرف والعنف.
من ناحيته، أفاد الدكتور الشنطي أن مؤتمر أزمة الفهم بمحاوره المختلفة يسهم في كشف وتوضيح ظواهر العنف والتطرف الموجودة في الوقت الحالي، وأضاف الدكتور الشنطي أن مؤتمر أزمة الفهم جاء لينظم العلاقة بين المجتمعات المختلفة على أسس الشريعة السمحة، بعيداً عن ردات الفعل الناتجة عن جهل أصحابها واندفاعهم وراء عواطفهم، ونوّه الدكتور الشنطي إلى أن كلية أصول الدين افتتحت قسم الدعوة والإعلام لتخريج إعلاميين دعاة، يملكون الفهم الصحيح.
أزمة فهم النصوص
ولفت الدكتور فرحات إلى أن أزمة الغلو والتطرف من الآفات الخطيرة التي تعد من الآفات القديمة، التي تفاقمت في العقود الأخيرة، وأوضح أن السبب الرئيس والمركزي والأهم في أزمة الفهم يكمن في أزمة فهم النصوص، والتعامل معها بمنهجيات غير علمية تؤدي لنتائج خطيرة تلحق بالإسلام.
وأفاد الدكتور فرحات أن وزارة الأوقاف والشئون الدينية استنهضت الهمم لعقد المؤتمر كمساهمة جادة في تفكيك ظاهرة الغلو والتطرف.
سوء الفهم
وفي كلمةٍ مسجلة له، قال الدكتور علي محيي الدين القره داغي –الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: “إنّ جميع المشاكل والمصائب على مر التاريخ تعود لسوء الفهم”.
وأضاف الدكتور القرة داغي “عندما يختل الفهم، تترتب عليه المشاكل الكبرى”، وطالب المسلمين بضرورة التدبر والتعمق في القرآن، وأن يتعرّف الإنسان إلى سبب خلقه، ووجوده على الأرض، ونوّه الدكتور القرة داغي إلى الحاجة الشديدة في ظل الأزمات للفهم الصحيح، ومعالجة أزمة الفهم الخطيرة بشكل كلي.
محور: أزمة سوء الفهم “الأسباب والمظاهر”
الجلسة الأولى
وفيما يتعلق بالجلسات العلمية للمؤتمر، فقد شهد اليوم الأول انعقاد ست جلسات علمية، حيث انعقدت الجلسة الأولى في قاعة المؤتمرات الكبرى، وترأس الجلسة التي تناولت محور “أسباب ومظاهر أزمة سوء الفهم” الأستاذ الدكتور عبد السلام اللوح- عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، واستعرض الأستاذ نعيم موسى- باحث من غزة، ورقة عمل حول فقه الواقع وأثره في فهم النصوص وتنزيلها، ووقف الأستاذ حسين حمد- باحث من غزة، على أزمة سوء الفهم في ضوء السنة النبوية من حيث المظاهر والأسباب والعلاج، وتحدث الدكتور محمد الجدي- باحث من غزة، عن ضوابط الفهم عند التنازع مع الآخر في العقل السلفي .. قراءة تفكيكية في ماهية الفكر التيمي، وشارك الدكتور عطوة القريناوي- باحث من غزة، بورقة عمل حول تعزيز الفهم في ضوء السنة النبوية “دراسة موضوعية”، وقدم الدكتور مصطفى داودي- باحث من الجزائر، ورقة عمل حول أزمة الفهم في استيعاب الآخر عند الحركات الإسلامية وأثره في واقع المجتمع الإسلامي المعاصر.
الجلسة الثانية
وترأس الجلسة العلمية الثانية في محور أزمة الفهم “الأسباب والمظاهر” الأستاذ الدكتور سعد عاشور- عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين، وتناولت الأستاذة أنسام شبير- باحثة من غزة، علاج مشكلة سوء الفهم في ضوء السنة النبوية، وعرض الأستاذ عامر أبو سخيل- باحث من غزة، ورقة عمل حول سوء فهم النصوص الشرعية التشخيص والعلاج، وعرج الدكتور محمد شحاته- باحث من مصر، على النص النبوي بين الاستشهاد والتوظيف.